[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]
( قف..فأنت متهم !!!..ممارسات في الواقع العربي ) [/COLOR]
( 1 )
( ثمة شيء يساوره فهمس ):
ــ : ألا تلاحظ هذه الظاهرة التي بدأت تتفشى في بعض مجتمعاتناالعربية!؟
ــ : أي ظاهرة تعني !؟
ــ : أعني بأن تكون متهما من قبل الآخرين .. فردا أوأسرة أو مجتمعا أودائرة أو مؤسسة أو وسيلة إعلام ..الخ !! ففي واقعنا العربي يريدون بأن تكون مقولبا أو مؤدلجا - إن جاز لي التعبير - سياسيا واقتصاديا ورياضيا واجتماعيا ... ولولم تكن لديك قناعات !! ألم أحدثتك عن ذلك مسبقا !!؟
ــ : نعم .. ولكن لاتكن متشائما. فكل ماتحدثت عنه من حالات لاشك بأنها
واقعا ملموسا ولكنها لم تصل إلى مستوى الظاهرة بعد!!
ــ : رغم أن هذه الحالات قد وصلت بها الجرأة إلى أن تقوم بتفسيرالنوايا بمقتضى هواها...تخيل...تفسيرالنوايا ... فهل يعقل هذا !!؟ وانظر كم وصلت ببعضنا الحال إلى هذا المستوى المتدني من سوء الظن !!
( ... إن بعض الظن اثم ) . والقاعدة الحقوقية تقول " المتهم بريء حتى تثبت إدانته " أما في بعض مجتمعاتنا العربية فـ " البريء متهم حتى ولو ثبتت براءته " ولا أعرف الأسباب التي جعلتنا ننهج هذا النهج الرديء !! ... دعني أذكّرك وأستعيد بعض تلك الحالات :
( 2 )
* فحينما تكون في تجمع وتشارك برأيك وتطرح وجهة نظر في قضية ما .. تخص مجتمعا .. أوطائفة .. أو مؤسسة .. أو قبيلة .. أو دولة - قد تتوافق مع غيرك دون علمك ولا رابط بينكما أنت وذلك الآخر سوى البحث عن الحقيقة التي هي ضالة المؤمن أيا كان مصدرها - حول بعض السلبيات وبأوضاع الدنيا وأحوالها... المتقلبة ... اجتماعيا أو اقتصاديا أو رياضيا أوسياسيا... كغيرك من الحاضرين - وعلى ذكر السياسة فلو قدر لك بأن تفوهت وانتقدت مواقف متخاذلة لبعض الأنظمة العربية نحو قضيتنا المركزية القضية الأم
( فلسطين ) ناهيك عن بعض القضايا الأخرى - وعبرت عما يختلج في صدرك وأبديت وجهة نظر متواضعة لاتدّعي كمالها ونضجها وقد تكون مع أو ضد... قف فأنت متهم أمام انظار تلك الفئة المريضة !!!
* وحينما يكون لك ظهورا وإن لم يكن مميزا أو قل مميزا في مشهد إجتماعي ،أو على أي صعيد ، وتعتلي تلك المنابر وتشارك غيرك ممن أتيحت لهم الفرصة أيضا . فأن ينتقدك شركائك في تلك المنابر أو حتى يحاربوك هذا مفهوم ومقبول ، ولكن أن تـُحارب من قبل من تنافح عنهم !! ليس لرداءة عرضك وإنما لمجرد ظهورك لأن ذلك الظهور بالنسبة لهم لعنة أو هكذا يعتقدون !! ....إنه الفعل النقي .. وردّة الفعل الخبيثة التي تجعلك متهما أمام هؤلاء !!!
* وحينما تكون في دائرة أو جمعية أو مؤسسة أو دولة ما .. وتطالب بحق من حقوقك وكنت تتضجربسبب التأخير في نيل تلك الحقوق بفعل (البيروقراطية) المقيتة ولإهمال من قبل تلك الدائرة أو المؤسسة أو الدولة المعنية ، أولإهمال من قبل هذا المسؤول أو ذاك ، وتتقدم بشكوى لكل من يهمه الأمر ولا تجد حلولا لمشكلتك ، ومن ثم تتقدم بشكوى لحقوق الإنسان ... ثق بأنك متهم أمام هؤلاء!!!
* وحينما تمارس هواية القراءة في أجواء سفرعربي ، فتـُمسك بكتاب وتحتظنه باشتياق ولهفة ويسيطرعلى مشاعرك وتفكيرك وتبدأ بقراءته ، وفي لحظة توقف عابرة بعد عناء القراءة تفاجأ بالكثير ممن حولك ، وممن قتله الفراغ يحاول بنظراته استراق شيئا مما تقرأ ، ولو قمت من مقعدك لقضاء حاجة ما وتركت كتابك على مقعدك فتلك البادرة منك أغلى أمانيه لمعرفة عنوان ذلك الكتاب ومن ثم ... قف فأنت متهم أمام هؤلاء !!!
* وحينما تتواصل إجتماعيا فتبارك لإنسان ما .. بمولود أومنزل أوسيارة أو أي شيء آخر ونطقت بكل ماتحفظه من الأذكار والأوراد الشرعية ،أو تعود مريضا مع الدعاء له بالشفاء العاجل وكنت صادقا في ذلك .. فلو أصاب ذلك المولود أوالمنزل أوالسيارة أي شيء بعد مغادرتك المكان ، أو ذلك المريض أي عارض بعد عيادتك ... فثق بأنك متهم أمام هؤلاء !!!
* وحينما تعود مريضا وتجد لديه من الزوارالكثيروكل يدلي بدلوه ويفتي في طرق علاج ذلك المريض وأنت ترقب الوضع عن كثب وتحاول أن تدلي بدلوك معترضا على كل ماسمعت في تلك المعمعة وموجها كلامك إلى صاحب الشأن
- المريض أو ولي أمره - بعدم الأخذ أو حتى الاهتمام بكل ماسمع والأجدى هوالالتزام بكلام الطبيب لأنه صاحب الاختصاص... قف فأنت متهم أمام هؤلاء !!!
* وحينما تتصدق - كفرد أو أسرة أو جمعية أومؤسسة .. - على إنسان صاحب عوز ( محتاج ) وتلتزم السرية في ذلك ويُكتشف أمرك ... ثق بأنك متهم أمام هؤلاء !!! .
* وحينما يسترك الله - كفرد أو أسرة أو جمعية أومؤسسة .. - في أمر ما.. ليس ذي بال .. ويتسرب إليهم من خبرك وقصتك شيء ولو كان يسيرا ركّـبُوا لذلك الشيء اليسير الذي خبروه أجنحة وطيروه في الآفاق ثم ... قف فأنت متهم أمام هؤلاء !!!
* وحينما تخلص في عملك- كفرد أو أسرة أو جمعية أومؤسسة .. - وتؤدي جميع الواجبات الملقات على عاتقك لأنك تخشى الله أولا...وآخرا .. أوتتصرف تصرفا أو تعمل عملا يحاكي غيرك دون علمك أوبعلمك أحيانا من منطلق أنه ليس عيبا أن تقلد الحميد من الأفعال ولكن العيب كل العيب أن تقلد الخبيث منها ... قف فأنت متهم أمام هؤلاء !!!
ومع كل تلك الحالات التي ذكرت ستـُطرح اسئلة تفتقد البراءة على شاكلة : لماذا...؟ وماسبب...؟ وكيف...؟ وماالهدف...؟ وماالقصد...؟ .. الخ .
أكرر مرة أخرى بأنهم يريدونك مقولبا أو مؤدلجا سياسيا واقتصاديا ورياضيا واجتماعيا... وعليك أخي أن تكمل فمؤكد أنك قدعايشت مثل هكذا حالات .
( 3 )
ــ : نعم ..نعم.. ولكن من أفسد عقولنا أو بالأحرى عقول هؤلاء القلة !!؟
فجعلها ملوثة بهذا الداء اللعين !! هل هو الإعلام بكل أشكاله وأنواعه
وأسمائه وألوانه وأعني به الإعلام الرديء الغيرسوي!!؟ أم هي بعض
الأسر وثقافتها التربوية الممجوجة !!؟ هل هي بعض البيئات العفنة !!؟
أم هو عدم النضج !!؟ أم لأن الآخر لم يتوافق مع وجهة نظرنا !!؟ فنحن نرى بأن الإختلاف اختلاف تضاد وليس اختلاف تنوع !! وهل هي العنصرية النتنة !!؟ أم كل تلك الأسباب مجتمعة قامت بنفث تلك السموم حتى تضخم حجم
الـ( أنا ) في عقول تلك الفئة فأصبحت مسيطرةعلى سلوكياتهم !!؟ .. ياأخي لماذا جُبلنا على عدم قبول المشاركة مع الآخروالأصل بأن المجتمع مبني على التكافل والتلاحم !!؟ ولماذا جُبلنا على عدم تقبل مايبديه وتنقـّصه وإساءة الظن به !!؟ لماذا نجافي هؤلاء الطيبين ، ونحن نعرف بأن الأصل في الأموركلها احسان الظن حتى يثبت العكس!!! من زرع هذه الشكوك!!؟ ولماذا أصبحت تتنامى وتكبر في واقعنا العربي!!؟.. ثم لماذا نفتقد سلامة الصدر !!؟ "...ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ... " والعجيب ياأخي بأن هؤلاء قد وصلت بهم الجرأة إلى أن يحللوا بل يؤوّلوا ويحوروا وأحيانا يبدّلوا مفاهيم وأهداف الآخرين السوية !!! .. ولكن مع كل ذلك ألا تلاحظ بأننا قد تمادينا بالقسوة على بعض مجتمعاتنا العربية وأغرقنا أنفسنا بجلد الذات . ثم لماذا لاننظر إلى النصف الآخرمن الكوب!!؟ لماذا نقف أمام النصف الفارغ دوما !!؟
ــ : هذا ليس عيبا إذا كانت النية صافية وصادقة وخصوصا أننا لم نسمي
أشخاصا بأعينهم . نحن كمشرط الجراح ... أليس الجراح يستخدم
مبضعه ويجرح المريض صاحب العلة ويكون سببا في شفائه بإذن
الله!! ثم أليس سلوكياتنا هي مابين المعروف والمنكر!! وإن كان
المعروف هو الغالب ولله الحمد والمنة . ثم نحن لم نمارس إلا أضعف
الإيمان ولم نقل أكثر من " ... مابال أقواما يفعلون كذا .. وكذا ..."
ولكن يظل لدي هاجس يراودني .. ماواجبنا نحو تلك البذرة الخبيثة !!؟
ــ : قبل أن اجيبك أحب أن أضيف أن هذه السلوكيات ليست في مجتمع عربي دون آخر !! وبلا شك أن هذه السقطات تؤثر في الآخر وتدمي قلبه ، والناس في تعاملهم معها على ثلاثة أصناف . الصنف الأول: من يعفو مطلقا ويمتثل : ( ادفع بالتي هي أحسن ... ) أو يمتثل : " واصبر على حسد الحسود... " وهذا من النوادر ، والصنف الآخر: من يستحضر ماأثر عن أحد علماء الأمة في موضوع العفو قوله : " ... العفو لايكون خيرا إلا إذا كان فيه إصلاح : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) فإذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد فالأفضل إلا تعفو عنه ، وإن كان قليل الخطأ فالأفضل العفو .. فلا بد من مراعاة الإصلاح عند العفو ..." والصنف الثالث : من يصادم وينتقم من غريمه، وهذان كحال طائرين يعيشان صراعا مريرا فيما بينهما مما يتيح الفرصة لقط يتربص بهما . ونحن هنا أمام حالة أناس معروفين بالإساءة والتمرد فالأفضل إلا نعفو عنهم " ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد " فسلوكيات هؤلاء الرديئة
واجبنا هو أن نلجمها ونحجّمها قبل أن تستفحل وتصل إلى مستوى الظاهرة فتعيث في مجتمعاتنا العربية فسادا. إن تلك الأغصان إذا تـُركت نمت وترعرت ، ثم لا يفيد معها الضرب على أوتارها إذ لابد من اجتثاثها من جذورها .
ــ : أليس هذا نوعا من الإقصاء !!! ثم أين الرفق !!؟ حيث أنه
" ... ماكان ... في شيء إلا زانه ولانزع من شيء إلا شانه ... "
ــ : نعم .. ولكنه ليس إقصاء مطلقا أي لذات الإنسان كما تعتقد ..
وإنما الإقصاء هنا إقصاء لذلك الفعل ( الخلق) الرديء وتلك الأغصان
الخبيثة في هذا الفرد أو الأسرة أو الجمعية أوالمؤسسة أوالمجتمع ، وهذا هو منتهى الرفق .. فنحن على ظهر سفينة واحدة ، أما إذا نمت وترعرت تلك الأغصان الخبيثة ولم تستجب للعلاج فلابد من اجتثاثها من جذورها . لأن هذه السلوكيات لاتساعد مجتمعاتنا على الإنتاج…إنها أكبرمعوق ، وإنها الفيروس الذي ينخر في جسد المجتمعات التي تصبو نحوالإنتاجية والرقي ، وأن من يغذي مثل هذه السلوكيات وينميها لاشك بأنه يشكل طابورأ خامسا وعبئا على مجتمعه وأمته بعلمه أوبغير علمه .[/ALIGN]
[COLOR=blue]( رؤية / عبدالعزيز النعام)
" عين حائل "خاص[/COLOR]