[ALIGN=CENTER][COLOR=red]داء العصر[/COLOR]
إن المتأمل للعصور السابقة وما ظهر فيها من أمراض وأوبئة فيرى جهود الأطباء ومن لهم عناية في الأمر للحصول على دواءٍ لها, فيصرفون جُلَّ أوقاتهم بعمل الأبحاث والتجارب وقد يستغرق ذلك عدة سنوات, وبعد هذا التعب والجهد يصلون إلى الدواء, فيفرح الناس ويستبشرون بهذا الدواء الذي طالما بحثوا عنه وصار-بعد الله- هو السبب في الشفاء من هذا الداء, وليس العجب من هذا, فهو لا يتعدى كونه دواء لداءٍ عضوي لا يتعدى إلى التفكير والعقل والقلب, ولا شك أن أمراض العقول أشد وأضل سبيلاً, فقد ظهر في هذا العصر داءٌ معنوي واستفحل أمره, ولا يسلم منه إلا القليل من الناس, إنه (داء التعميم) فيزور أحد الناس بلدة من البلدان فيرى معاملة جميلة من أحد سكان هذه البلدة فيقول إن سكانها طيبون ومتواضعون, وبالعكس إن رأى ما يسوؤه قال ما رأيت أسوأ من أهل هذه البلدة, وهذا لا شك من الظلم والجور والله أمرنا بالعدل فقال: (( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)), وليس الأمر مقتصرًا على المثال الذي ذكرناه, وإنما يتعدى إلى جميع أحوال التعميم, فعندما يخطىء رجل من الهيئة يقول كل أعضاء الهيئة مخطئون, وعندما يُقصر معلم يقول كل المعلمين مقصرين, وعندما يتلفظ شرطي بكلام قبيح يقول جميع المنتسبين للشرطة بذيئو اللسان, وهَلُمَّ جرًّا, فإلى متى ونحن نرى أن تصرف الفرد هو تصرف الجماعة, وإلى متى ننسب الأخطاء إلى غير أهلها: (( ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)),
والسبب في انتشار هذا الداء هو قلة الثقافة وضحالة التفكير والحقد تجاه الجهة التي أطلق عليها حكم التعميم, وهذا الداء هو ابنٌ للحماقة فلا يصدر هذا الحكم إلا الأحمق وقد أحسن الشاعر حين قال في أم هذا الداء ( الحماقة):
لكلِّ داءٍ دواءٌ يُستطبُّ بِهِ*******إلا الحماقةَ أعيتْ مَنْ يُدَاويهَا
فهذه كلمات يسيرات لعلها تجد آذانًا صاغية, وقلوبًا واعية, وعقولاً مُدركة.[/ALIGN]
[COLOR=blue]صالح الجسار
" عين حائل "[/COLOR]