[COLOR=red]سَــــرَقَ فــسُــــــــرِقَ[/COLOR]
في منتصف الليل أتاني طارق متأخر فهبيتُ من نومي فزعاً فإذا برجل خمسيني قد حلا محياه بياض شيب ناصع قد بلل لحيته بدموع عزيزة وشهيق تكاد تطلع روحه بعد كل زفرة فقلت مهلا أيها الشيخ الوقور أخبرني ما دهاك وما اصابك فقال لي أتعرفني؟ فقلت نعم أعرفك فقال من أنا؟ وفي حقيقة الأمر لا اعرفه ولكن من باب المجاملة والتهوين من مصيبته فكررها بنبرة عاليه من أنا من أنا ثلاث مرات؟فقلت شيخ وقور وأخ كريم لكن لا يهمني معرفتك بقدر ما أستطيع معرفة مصيبتك لكي أحاول مساعدتك إن استطعت ذلك . فقال ربما تستطيع لكن أريد أن أسألك قبل ذلك أتعرف بالحسابات البنكية ؟ فقلت قليلا فقال هل سرقت من قبل فقلت معاذ الله فقال ليس بمعنى السرقة فقلت اجل بأي معنى تقصد؟ فقال بمعنى (الميانة ) اخذ من مال قريب لك فقلت الحمد لله لم افعل ذلك ولم يخطر ببالي فقال اجل أنا خطر ببالي وأخذت من والدي مبلغ خمسة ريالات من جيب ثوبه الأبيض حينما كان معلقاً بالمكان الفلاني وكنت بعمر 9سنوات وأردت بهذه الخمسة أن أشارك زملائي بالمدرسة بالإفطار واستحيت ان ابلغه ذلك. فقلت حسنا فقال لاحسنا ولا قبحا انتظرني أكمل فقلت هل والدك عائش الآن فقال لا ثم أجهش بالبكاء ثم زفر زفرة كادت تطير منها ضلوعه فقال لوكان حيا لاعطيته عن كل ريال مئة ثم قال لا بل الفا ومازال يزيد حتى قلت تستطيع ذلك فسكت وقال لي كيف ؟ فقلت بالصدقة فقال وأولادي ؟؟ فقلت وماذا بأولادك فقال أيكفوا عن سرقتي؟ فضحكت فقال اخبرني ايسرقوني مثل ماسرقت ابي ؟إنني سرقت خمسة ريالات مرة واحدة لكنهم يسرقونني كل يوم اكثر من خمسمائة بالمرة الواحدة فقلت ( سرقت أباك فسرقك أبنائك ) فقال اتهزأ بي وانا جئتك مستغيثا فقلت لا تستغيث بمخلوق ( استغث بالخالق) فسكت عنه الغضب ثم اردف قائلا ماذا افعل ؟ فقلت تصدق عن والدك بما تجود به نفسك عن ما بدر من تقصير وداوم على الصدقة والدعاء ثم انصرف مهرولا يتمتم بأسماء أشخاص فهمت انه سيتصدق عليهم و مالبثت بعد اسبوع الا وقد طرق الباب في نفس موعده السابق فإذا هو ضاحك مستبشر فقال الحمد لله لقد عملت بما قلت لي وكف ابنائي عن سرقتي وو الله ان أحدهم ليجد المبلغ أمامه ولا يلتفت أليه ,فقال أتعتقد أن والدي قد رضي عني ؟؟ وقبل ان اجيبه سمعت صوتا جهوريا يقول ((الصلاة خير من النوم)) فقمت لصلاة الفجر
[COLOR=blue]
كاتب " عين حائل "رشيد الغريب
عضوا الجمعية السعودية للادارة [/COLOR]