[ALIGN=CENTER][COLOR=red]دستور مملكة النحل ... الحلقة الثالثة [/COLOR]
ووسط هذه المشاعر الجياشة التي تتلاطم في قلب ملكتنا الحزينة وهي واقفة على سعفة مرتفعة من سعف نخلتنا السابقة الذكر لم تيأس وتستسلم للهزيمة بل عقدت العزم على إعادة مملكتها وتكوين طائفة جديدة قوية تستفيد مما جرى لها كي لا تكرر نفس الأخطاء التي جعلتها تفقد كيانها وهويتها ، فأخذت تطلق نظراتها يمينا وشمالا وترصد المكان من أعلى النخلة ثم طارت وأخذت جولة سريعة في جزيرتنا الصغيرة ثم هبطت على الصخرة التي نام بجانبها العم مرزوق قبل ثلاثين سنة وأخذت تتأمل المكان فيا ترى ما هدفها من هذا الرصد . بالطبع كانت تختار المكان المناسب من حيث قوة الرياح وأشعة الشمس ونسبة الرطوبة وإمكانية الحصول على الظل من نخلتنا المباركة وفي النهاية وجدت ملكتنا الفتية ما تريد حيث أن الصخرة التي تقع في وسط الجزيرة يوجد فيها من جهتها الجنوبية مقابل النخلة تجويف كأنه كهف صغير وكان شكل ذلك التجويف كفنجان القهوة العربية في أعلى الصخرة فقالت الملكة لو استعملت هذا التجويف في بناء خلية جديدة للزمني كمية كبيرة من الشمع كي أبني سقف الخلية وأجعله مخروطي الشكل كي لا تتجمع فوقه مياه الأمطار ، فعقدت العزم على إنشاء هذه المملكة ثم توجهت برأسها الصغير نحو السماء ورفعت يديها الصغيرتين وقالت اللهم أني ضعيفة فقوني ووحيدة فآنس وحشتي وذليلة فأعزني ، اللهم أني نويت أن أبني مملكة يسبح لك فيها ويثنى عليك فيها فأن كانت نيتي صادقة فأعني وإن كانت غير ذلك فاخذلني آمين آمين ..
قال تعالى :
{وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ }النحل68
وبدأت ملكتنا الفتية بالعمل والعمل لا يخلو من عقبات فأول عقبة صادفت تلك الملكة الفتية هي أنها لا تستطيع فعل شيء لوحدها وكان لزاما عليها كخطوة أولى من خطوات بناء مملكتها هي البحث عن أصدقائها من حراس وعاملات وذكور الذين تمكنوا من الفرار من أسر الدبابير فطارت هذه الملكة الشجاعة من جزيرتنا الصغيرة إلى الجانب الآخر من ضفة النهر وأخذت تفتش على من تمكن من الهرب من أصدقائها وحالفه الحظ وبقي على قيد الحياة . فأخذت تطير وتطير وتفتش وتفتش وكلها أمل والأمل بالله كبير ، وبعد مضي خمسة أيام حالفها الحظ فوجدت من أصدقائها خمس عاملات وأربع ذكور وحارسان ، ففرحت بهم وفرحوا بها وتبادل الجميع مشاعر الفرح لأنه لا أجمل من اللقاء بعد الفراق وعندما هدأ الجميع من الرقص فرحا قالت الملكة لأصدقائها لابد أن نعمل جادين إن كنا نرغب في البقاء أحياء فقالت لها أحد العاملات يا سيدتي نحن رهن إشارتك خططي ونحن ننفذ وقد أيد مقولة هذه العاملة بقية النحل فأطلعت ملكتنا الفتية أصدقاءها على مشروع إنشاء مملكة جديدة تستفيد من أخطاء المملكة السابقة وتتفاداها كي لا تتكرر نفس المأساة السابقة ، وبدأ العمل الجماعي بوضع دستور للمملكة الجديدة تسير عليه وهذا الدستور مستمد من الغرائز التي أودعها الله في النحل وكانت بنود ذلك الدستور كالتالي
1- أن يتم التعاون بين أفراد مجتمع النحل كل على حسب اختصاصه العاملات لجمع العسل والذكور ينتخب منهم واحد يتمتع بمواصفات جيدة كي يحظى بود الملكة ويكون أبا للأجيال القادمة والحراس لحراسة المملكة من الأعداء .
2- أن تبنى مملكة النحل على أساس وضع ممر للدخول ضيق والهدف من تضيق الممر كي يكون كافيا لدخول النحل أما الدبابير ذات الأجسام الكبيرة فلا تستطيع الدخول للمملكة كي لا يحصل ما حصل في المملكة السابقة .
3- وضع فتحة واحدة في أعلى الخلية بقطر لا يزيد عن عرض ملكة النحل والهدف من هذه الفتحة تمرير الشمس لخلية النحل كي لا تتعفن من الرطوبة وتكون هذه الفتحة في أعلى الخلية ثم يتم تكليف عشر عاملات بصنع غلاف شمعي شفاف ومقاوم للماء كي لا يتسرب الماء إلى الخلية وكذلك يمنع هذا الغلاف الشفاف دخول الغبار للخلية من الفتحة العلوية .
4- عمل نوافذ جانبية في أعلى الخلية عددها اثنتان بحيث يكون قطر الواحدة نصف عرض الملكة وأيضا تكون واحدة تجاه الجنوب لاستقبال ريح الصبا وواحدة تجاه الشرق كي تكون ممر لخروج الهواء الفاسد من الخلية .
5- وضع قواعد للخلية عبارة عن اسطوانات من الشمع بمثابة دعائم وثوابت للخلية غير قابلة للتحريك .
6- تخصيص عاملات ذكيات لصنع غذاء أفراد الطائفة بحيث لا يسمح لغيرهن دخول مطبخ الخلية كما يتم تعيين حراس أشداء لمنع أي نحلة من دخول المطبخ وهي ليست من المسؤولات عن الطبخ كي لا تتكرر نفس المأساة السابقة عندما تسلل الدبور اللعين وهو متنكر بزي عاملة نحل إلى مطبخ المملكة السابقة ووضع عصارة مادة السكران التي خدرت أفراد الخلية مما سهل مهمة احتلالها على الدبابير .
7- إصدار قانون يقضي بمنع دخول مادة شجرة السكران للخلية ومن يخالف تُطَبَّق عليه عقوبة التهريب وهي القتل تعزيرا حتى الموت بإبر العاملات .
8- هذا البند هو أهم بند من بنود هذا الدستور وهو إمكانية الاستفادة مما عند المخلوقات الأخرى من خبرات في الحياة كالاستفادة مثلا من خبرة النمل في عملية قطع ورق الشجر وكذلك الاستفادة من خبرة العناكب في صنع الخيوط الحريرية ...... إلخ وتكون هذه الاستفادة مشروطة بشرط أساسي وهو إمكانية الاستفادة من أفكار الآخرين في نطاق ما النحل بحاجة إليه ويوافق طبيعتها بشرط عدم تعارض هذه الأفكار مع الدستور العام للمملكة الجديدة فكل فكرة جديدة تعرض على الدستور فإن لم تكن معارضة له قبلت وإن كانت ناقضة لأحد ثوابته رفضت أو يبحث عن البديل الموافق للدستور [/ALIGN].
رابط الحلقه الاولى.
[URL]http://aenhail.com/articles.php?action=show&id=24[/URL]
رابط الحلقه الثانيه
[URL]http://aenhail.com/articles.php?action=show&id=37[/URL]
[COLOR=blue]
تابعونا في الحلقة المقبلة
Nasir321n@hotmail.com[/COLOR]