[ALIGN=CENTER][COLOR=red]ظرة إلى الأحداث العربية من منظار شرعي1-3[/COLOR]
صلاح الراعي أم صلاح الرعية
الحمد لله أما بعد:
فإن كثيرا من الشعوب العربية والإسلامية في هذا الزمان , يشتكون جور حكوماتهم وظلم ولاتهم , واستبداهم بخيرات البلاد , وتسلطهم على العباد .
ونحن نتسائل أيهم سبب الإصلاح ؟ هل صلاح الراعي سبب في صلاح الرعية ؟ أم صلاح الرعية سبب في صلاح الراعي ؟
من منظور عقلي أن صلاح الراعي سبب في صلاح الرعية , لأنه سوف يرتب لهم أمور معاشهم ودنياهم ويرفع الظلم عن المظلوم , ويأخذ على يد الطاغي الغشوم .
لكننا لو نظرنا من منظور شرعي وجدنا أن صلاح الرعية سبب في صلاح الراعي ! ! ! قد يستغرب الكثير منا ذلك ,
لكنني أقول , نحن أمة نأخذ أحكامنا ورؤانا السياسية والاقتصادية والتربوية من الكتاب والسنة , ونؤمن كذلك أن صلاح الفرد أيا كان سواء كان أميراً أو حقيراً سواء كان رئيساً أو مرؤوساً إنما هو بيد الله عز وجل .
ومن تمعن النظر في الكتاب والسنة , وجد أن الله عز وجل يعاقب على الذنوب والمعاصي الفرد وأحيانا المجتمع , فتكون عقوباته أحيانا خاصة وأحيانا عامة , ومن عقوبات الله العامة للمجتمعات أن يولي عليهم شرارهم فيسومونهم سوء العذاب , وسمع كعب الأحبار رجلا يدعو على الحجاج فقال : لا تفعل إنكم من أنفسكم أُتيتم فقد روي أعمالكم عمالكم وكما تكونوا يولى عليكم .
وفي شعب الإيمان للبيهقي ( أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام قالوا : سل لنا ربك يبين لنا علامة رضاه عنا و علامة سخطه ؟ فسأله فقال : يا موسى أبلغهم أن رضاي عنهم أن أستعمل عليهم خيارهم و أن سخطي عليهم أن أستعمل عليهم شرارهم ).
وجاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال ياعلي لماذا اجتمع الناس على أبي بكر وعمر وتفرقوا عليك فقال رعية أبي بكر وعمر أنا وأمثالي ورعيتي أنت وأمثالك .
والمقصود أن من أراد واليا كأبي بكر وعمر فاليوجد رعية كعثمان وعلي وابن عباس وابن عمر وعبدالرحمن بن عوف .
فالعجب أن الناس يريدون واليا صالحا عادلا أمينا على الأموال منصفا حتى من نفسه , وهم لا توجد بهم هذه الصفات ولا بكثير من أفراد الرعية إلا من رحم الله .
ولو أن الذين يرددون دعاوى الإصلاح أرادوا الإصلاح حقا لبدأوا بإصلاح أنفسهم أولا ثم أهليهم ثم مجتمعهم ومن البدهي عقلا وشرعا أن يصلح الله الراعي .
لأن الله عز وجل يقول (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) ويقول سبحانه (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) فهذا كلام ربنا عز وجل الذي بيده مفاتيح كل شيء وليس كلام محلل أو مفكر أو اديب .
فمن أصلح ما بينه وبين الله عز وجل أحس بنعيم وجنة حتى ولو وضع الحجارة على بطنه من الجوع , ولكن كثيرا من الناس في غفلة عن هذا إلا من رحم الله .
والسلام عليكم . [/ALIGN]
[COLOR=blue]الشيخ / محمد بن مزعل العبدلي
( صحيفة عين حائل ) خـاص[/COLOR]