[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]الرجل العانس [/COLOR]
بفضل الله تعالى أتممت عامي الرابع والعشرين للتو، والحمد لله على أن مد لي بالعمر حتى هذا الوقت، في يوم ميلادي، وعندما وقف عقربا الساعة على الرقم اثنى عشر، تخيلت أني دخلت طورا جديدا، ومساحة جديدة من طريق العمر، ربما أكون فيها أنضج، تغيرت صفتي من طالبة إلى عاطلة عن العمل، ولا أدري ما الجديد المقبل، أشعر بأني غارقة في أحلامي المستقبلية، فجأة!، تراءى خلفي وأنا أنظر في مرآتي، شبح يقف خلفي، رافعا إصبعيه السبابة والوسطى ترميزا لعلامة النصر، مادا و مسدلا إليّ لسانه!، وقفت قليلا، أحدق بذلك الشبح الذي لا أدري من الذي سمح له بالدخول إلى عالمي ولم أتم الرابعة والعشرين إلا منذ دقائق قليلة، ليعكر صفو عامي الجديد، وعندما أدركت أننا في مجتمع متخلف، يحكم على المرأة بالعفن وانتهاء الصلاحية كلما تقدم بها العمر، عندها اختلطت مشاعري، لا أدري، هل أشعر بالخوف؟، القلق؟، الارتياب؟، الثلاثة معا؟، فجأة، فتحت يدي اليسرى، فردت أصابعي الخمسة، ودفعت كفي باتجاه وجه هذا الشبح، عندما أدركت أنه شبح العنوسة!
عندما كتبت كلمة العنوسة في صفحة الوورد، تم تذييلها من قبل البرنامج بخط أحمر، ضغطت على كلمة تصحيح إملائي، لم أجد لهذه الكلمة بدائل، هل هي دخيلة على اللغة العربية؟، أم هي دخيلة على الذوق والأدب العام؟، أم الاثنين معا؟
يقال لي أحيانا، «تو الناس على العنوسة، بعدج صغيرة»، و أحيان يقال لي بأحيان تفوق الأحيان الأولى بملايين المرات «قعدي، حمضي، تشرطي وتالي بتعفنين ومحد ياخذج»!، المشكلة أن أغلبية الخطاطيب سواء لي أو لغيري يتأرجحون ما بين مسميات المتردية والنطيحة، ولا أدري لِمَ غالبا تتزوج الفتاة المتواضعة جمالا قبل الفتاة الجميلة، وغالبا ما يتزوج الشاب «اللؤطة» بـ «العوية و المنكسرة والخاملة» و تتزوج الفتاة الجميلة والخلوقة بـ«عوير وزوير والمنكسر والما فيه خير، لم يعد الجمال مقياسا للزواج الأسرع، ولا الأخلاق، ولا العلم، و باتت الفتاة التي تقترب بمواصفاتها إلى حد الكمال عانسا!
يعيش الرجل كافة مراحل حياته، يعطي كل مرحلة حقها، يعيش مرحلة المراهقة والطيش، مرحلة الدراسة، مرحلة تكوين وبناء ذاته في وظيفته، مرحلة السفر «وما يخلي ديره ما يسافر لها» تحججا لكي لا يسلك طرقا ملتوية بعد الزواج، ولكي يكون فعل « النون وما يعلمون» قبل أن يدخل سجن الزوجية!، حتى يشرف على سن الثلاثين، وبالتالي يطلب من والدته أن تبحث له عن فتاة في أول العشرين!، والغريب في الأمر، أني بت أسمع في هذا الوقت، أن رجالا في الأربعين يتزوجون بفتيات في أول العشرين!، فتاة في عمر ابنته، يعني عندما كان هو في العشرين، كانت هي طفلة مولودة للتو، والاخريات، اللاتي تجاوزن منتصف العشرين، يبقين في مرحلة خطر!، وقلة ممن يملكن حظا، يتزوج بهن شاب واع إلى حد ما، لا يحمل في عقله فكرة المرأة الأصغر سنا هي الأفضل، وموقنا أن الفتاة بعد سن الرابعة والعشرين «حتى أكون من ضمنهن» أنضج، و أقل تطلبا، وأكثر حبا لتحمل مسؤولية الزواج، و أكثر حرصا على تأسيس بيت زوجية ثابت و قوي، فقد صقلها الانتظار والتوجس من صعود القطار أم فواته عنها، على عكس الفتاة في أول العشرين، والتي ترغب في أن تحب، وتتزوج بمن تحب، ولا تهتم بدرجة كبيرة بصلاحية الرجل أو عدمها، فالحب بنظرها هو الأهم في نجاح الزواج، وهو الغاية والوسيلة الأولى لتصل لعش الزوجية السعيد، سريعة الانفعال والاشتعال، تحكم على أمور كثيرة بعواطفها، وتحكم عقلها بدرجة أقل من قلبها، جميل هو الحب، لكن الأجمل هو التكافؤ في السن والمؤهل الأكاديمي والمستوى الاجتماعي والنضج العقلي، الخ، أعلم أنهن سيثرن علي جراء هذه المقارنة بين الفتاة في أول العشرين أو قبلها، وبين الفتاة بعد منتصف العشرين، لكن هذه هي الحقيقة بشكل عام، والحقيقة المؤسفة أنه لا يوقع حظ المرأة في القاع وتحت الدرك الأسفل منه إلا امرأة أخرى، فلو لم تقبل هذه الفتاة الصغيرة، التي من المفترض أن تعيش مرحلة الدراسة الجامعية للدراسة فقط، أن تتزوج برجل في عمر أبيها، وتنجب أطفالا، وبالتالي تصبح مطلقة وهي لم تتجاوز منتصف العشرين، بحجة الفارق الكبير في العمر، أو طلباتها التي قد يراها طفولية، لا تناسب امرأة متزوجة بكهل، عيشي عمرك بمراحله المنفصلة عزيزتي، ولا تجمعي بين الدراسة و الزواج والأبناء كلها في سنة واحدة، حتى لا تعيشي سن الكساد الكبير، بعد انتهاء كل هذه المراحل دفعة واحدة.
اتعجب كثيرا من قصص الزواج في هذا الوقت، و أتعجب أكثر من هذا التهافت على الزواج لمجرد الزواج دون تكافؤ، لم يجد الرجل دائما فتيات يتنافسن على الظفر به، في وقت من المفترض أن يكون فيه هذا الرجل عانسا[/ALIGN]
[COLOR=blue]الكاتبة القديره / سارة الدريس
" صحيفة عين حائل " خاص[/COLOR]