[ALIGN=CENTER][COLOR=red]حائل ليست عروس الشمال [/COLOR]
“خالص جلبي” كاتب مبرز معروف، كتب يوم الجمعة 13-6-1433هـ في زاويته “في العلم والسلم” جريدة الشرق، مقالاً عنونه بـ”حائل عروس الشمال”، ومع ما أكنه لهذا الكاتب من تقدير واحترام إلا أنني تعجبت كثيراً من ضعف هذا المقال وعدم مصداقيته، إذ إن فيما كتب صاحبنا مغالطات ومبالغات لا يمكن أن تصدر من مثل هذا الكاتب الذي جاب البلاد وعرف العباد، وحتى تتضح الصورة وتنجلي الحقيقة أمام القارئ الكريم الذي يقرأ ما يكتبه سعادة الدكتور ويتابع مدونته كان لزاماً عليّ التنويه إلا أن حائل تعاني كثيراً من ضيق شوارعها وعدم استقامتها واكتمال الخدمات بها، والدائري الذي ربما عناه الكاتب في قول (... طرق فسيحة سريعة تطوق البلدة!!) لا يمكن أن يصدق عليه هذا المسمى “دائري” ولا يقارن بالدائري الذي يحيط بمدن المملكة الممثلة القريبة منها والبعيدة، ولذا أتعجب كثيراً من هذا القول الصادر من رجل مسن قدير عاش ردحاً من الزمن في منطقة القصيم وسكن مدينة بريدة ذات الدائري الأكثر من رائع.. ليس هذا فحسب بل إن من المغالطات ما قاله عن جو حائل البديع والخدمات الصحية فيها (... فأنت تنام فيها بدون مكيفات، لا أثر للبعوض والذباب!!.. نظيفة جميلة أنيقة.. بصمات رائد الحضارة المفكر ورئيس البلدية السابق البلهي ومن جاء بعده لا تنسى من المجسمات في دوائر شتى في البلدة.. خدمات لكل شيء من مولات وبنوك ومشفى رائع فيه خدمات ممتازة هو مشفى الملك خالد غير المشفى العام بجميع التخصصات المختلفة).
أي مكانة لاحترام عقلية القارئ الكريم وأنت تهيم به صاحبي العزيز في غياهب الماضي الأسطوري وتخلطه بحقائق مرئية معاشة مغايرة لوصفك تماماً، وأي بناء لمقال خلا من تماسك الفكر والمنطق ليكوّن جملة من الأوصاف والخواطر والروايات التي لا يجمعها رابط، أي إفادة تتوقعها للقارئ الكريم حين تكتب هذه السطور وأنت شخصياً رأيت وتسمع عن طوابير المراجعين في مستشفيات بريدة، جاءت هذه الجموع فردى ومثنى وثلاث ورباع من أجل أخذ عينة أو تخطيط قلب أو تحليل دم أو أخذ موعد للتنويم أو لأشعة أو... وكأن حائل كما قال هو عنها.. “بلدة” ولذا كثير في نظر الكاتب على أهل هذه البلدة وجود مستشفيين قديمين يفتقدان كثيراً من التخصصات والأجهزة والأطباء أهل الاختصاص!!.
لقد ذكرني هذا المقال بمادة التعبير التي يكتب فيها الصغار الذين لم يروا غير قريتهم عن شوارعها ومدارسها ومستشفياتها، يتصورون الوجود كله مختزل في هذا المكان الذي يقطنون وحين يكبرون ويتعرفون على ما حولهم ومن حولهم يكتشفون كم كانوا بسطاء سذج.
لقد مللنا صاحبي هذه المقالات التي تتغنى بالرُحل الشجعان أهل القبور، مللنا هذا الإطراء المبالغ فيه والمديح الذي جعل قناعاتنا خارجية أكثر منها داخلية، ننتظر ما يقال فينا، ونفرح بما يكتب عنا، ونتساءل حين يخرج الضيف.. “هاه عساه استانس.. وش قال.. عسى أعجبه الأكل”، نفخ أمثالك بنا فصدقناه فترة ليست قصيرة من الزمن حتى ظننا أنفسنا أننا نحاكي غيرنا وإذ بنا نكتشف أن المسافة شاسعة والبون كبير وما جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين عنا منك ببعيد!!.
إنني أتمنى من الكُتاب أمثال جلبي وممن يعملون في القطاع الصحي أو الخدمي أن يكتبوا الحقيقة التي يرونها ماثلة أمام أعينهم صباح مساء دون مواربة أو تنميق وهذا واجب شرعي ووطني وهو من العدل في القول الذي أمر به الله عز وجل وبهذا لا نخدع القارئ ويكون متخذ القرار على بصيرة وعلم.
إنني شخصياً لا أصدق ما جاء في سبب تسمية “أجا” و”سلمى” التي حكاها الكاتب، كما أنني لا أهتم في الحديث عمّا عاش على أرض الجبلين.. حاتم.. وعنترة.. وامرئ قيس!!، بقدر ما يهمني حال من يعيش عليها الآن، وفي المستقبل القريب، كما أنني أشعر أن بعض كلمات الثناء الواردة في ثنايا المقال تحمل في طياتها الكثير من التأويل والتفسير إذا ما أخضعت لأبسط قواعد تحليل الخطاب لتعطي إشارات ودلالات معاكسة كالقول (أجمل ما في المدينة شعبها!! الرائع الوديع المتواضع محب الثقافة يجل العلماء.. وفيها نخبة من المفكرين والكتاب).
شعب.. وديع!! ومثلها قول غيره أهل حائل طيبين.. أجواد!!.
لقد تحدثت دكتورنا العزيز عن حائل بشيء من المبالغة، فلا المستشفيات كما قلت، ولا الطرق كما وصفت، ولسنا بلدة تقبل أن تعيش فقط على فتات الماضي وشخصيات التاريخ، وهذا القول ليس معنياً به هذا الكاتب دون غيره بل هو بصدق لكل كاتب يحترم قلمه ويريد الخير لهذا الجزء من الوطن وأهله.. إننا بحاجة ماسة لمن يكتب عن معاناتنا.. احتياجاتنا. مطالبنا.. طموحاتنا.. وهذا هو الشكر الذي ننتظره منكم، وما قدم ويقدم لكم حين تشريفنا بمقدمكم الميمون هو واجب علينا وحق لكم دمتم بخير وإلى لقاء والسلام. [/ALIGN]
[COLOR=blue]د.عثمان بن صالح العامر
" صحيفة عين حائل الاخبارية " [/COLOR]