[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]شيء ما
فضل الكلاب![/COLOR]
ما زال في هجائياتنا للثقافة الغربية أنها ثقافة مفتقدة للوفاء، خالية من الترابط الأسري، ثم ندلل على أن معظم أبناء هذه الثقافة وبناتها يقضون شيخوختهم وأواخر سني عمرهم، لا مؤنس لهم إلا الكلاب!
ويرى الإنسان الغربي أن لا أحد في الوفاء كالحيوانات الأليفة، وتحديداً الكلاب، فلا هي بالكثيرة المتطلبات، ولا مزاجها معرض للتقلبات، وإذا أردتها وجدتها، وإذا لهيت عنها حفظتك.
غير أن المعنى السابق ليس غربياً محضاً، فلقد مدح الشاعر العربي القديم أحد الخلفاء بأنه كالكلب في الوفاء، وكالتيس في قراع الخطوب، قبل أن تهذب مشاعره فيأتي ببيته الشهير:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
وذات فكرة تفضيل الكلاب قديمة، فها هو الإمام العلامة أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان، المتوفى في العام 309ه، يضع مصنفاً كاملاً عنوانه: "فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب"، وموضوعه كما يدل عنوانه في تأكيد أن الكلاب -كما يقول- خير من كثير من البشر، وبخاصة بعد أن عد المؤلف زمانه قد فسد، وناسه قد تولوا عن طيب الخصال، وحميد السجايا.
وإذا كانت هذه حاله في المئة الثالثة فماذا يقول بعد الألفية الميلادية الثانية؟ أي بعد ما يزيد على ألف ومائة عام!
يقول الأستاذ رشيد الخيون إن كتاب ابن المرزبان لا يدخل في باب علم الحيوان بقدر ما يدخل في باب ذم الزمان والاستجارة من لؤم أهله، فالمصنف كان فيه من الغيض من المحيطين به من سوء أخلاق ومعاشرة، لذا عمد إلى تتبع سلوك الكلاب، مدللاً على فضلها الأخلاقي نسبة إلى أخلاق لؤماء عصره، ممن لم يحفظ أمانة الأصحاب ولم يستجب للأصدقاء وقت الحاجة، من قليلي الوفاء وفاقدي الكرامة، ولم يجد فيهم من المروءة والوفاء مثلما وجدها عند الكلاب.
كثير من الثقافات تتشابه في الأفكار، ومصنف ابن المرزبان في تفضيل الكلاب، بات سلوكاً لدى الإنسان الغربي، مع أنه لم يسمع بكلاب مؤلفنا ولا بمصنفه، ولا بالمؤلف بطبيعة الحال! [/ALIGN]
[COLOR=blue]تركي الخيل [/COLOR]