[ALIGN=CENTER][COLOR=red]الصحة النفسية والمرض النفسي[/COLOR]
تعرف منظمة الصحة العالمية(WHO, 2001) الصحة النفسية علي أنها " القدرة على توظيف الفرد لإمكانياته الذهنية والوجدانية بصورة مثمرة تؤدي إلى: إنتاجية مرتفعة، وعلاقات بناءة مع الآخرين، وقدرة على التكيف مع التغيرات التي تحدث في محيطه، والتلاؤم مع ما يحدث في بيئته من ضروب المشقة. هذا التوظيف يمتد من الطفولة المبكرة حتى الشيخوخة المتأخرة. وهي الأساس الذي ينطلق منه الفرد ليفكر، ويتواصل، ويتعلم، ويبدع، وينمو انفعالياً، ويحقق ذاته في مجالات الإنجاز المختلفة".التمعن في هذا التعريف وحده كاف لتبين التأثير الكبير الذي يمكن أن تمارسه الصحة النفسية في بنية المجتمع ورفاهيته. فالمجتمع الذي نعيش فيه هو نتيجة مباشرة لمدي كفاءة توظيف الإمكانيات الذهنية والوجدانية لأفراده في تحقيق التوافق وفي إنجاز الأعمال العقلية التي تقوم عليها الحضارة التي نعيش في ظلها بكل ما فيها من مخترعات ونظم عمل وقوانين ومؤسسات اجتماعية وتربوية. وكلما قل المقدار الذي نتمتع به من الصحة النفسية كلما عاني المجتمع من نقص في الروح الابتكارية واضطراب في الحياة الاجتماعية ونقص في السعادة، التي هي غاية الإنسان في الوجود، وأساس المعني في الحياة.
ويلاحظ في التعريف السابق أيضاً أنه يركز علي الجوانب الإيجابية في الصحة النفسية، دون أن يؤكد علي الجانب السلبي، الذي يتمثل في تحديد العوامل التي تتسبب في غيابها. هناك العديد من العوامل التي تساهم في غياب الصحة النفسية، كنوعية التعليم، وأسلوب التنشئة، والإصابة بالأمراض الجسدية، وغير ذلك. ألا أن أهم العوامل التي تؤثر بالسلب علي الصحة النفسية هي انتشار الأمراض النفسية. فما هو المرض النفسي؟ وما حجم تأثيره علي المجتمع؟
المرض النفسي ببساطة هو: " المصطلح الذي يشير إلي كل الاضطرابات النفسية، وهي حالات تتصف بتغيرات في التفكير والمزاج والسلوك يصاحبها مشاعر العناء، واضطراب توظيف الفرد لإمكانياته الذهنية والوجدانية". ويتضح من هذا التعريف حجم التأثير الذي يمارسه المرض النفسي علي الصحة النفسية بتعريفها الذي تقدم. ومن أهم الاضطرابات النفسية الشائعة الاكتئاب بأنواعه، والفصام، واضطرابات القلق كالقلق الهائم، والوسواس القهري، والمخاوف المرضية، واضطرابات الشخصية، والصرع، وإدمان أو الاعتماد علي المواد النفسية، وغير ذلك.
وتنعكس الجوانب الإيجابية في الصحة النفسية في السعادة. ويرتب بعض الاقتصاديين علي ذلك أن يكون محور علم الاقتصاد هو سعادة الفرد, . ولكن قبل أن نخوض في اقتصاديات السعادة، لابد من التعرف علي ما هو المقصود بالسعادة؟
هناك من يركز علي الجانب الانفعالي للسعادة، أي الشعور باعتدال المزاج، بينما نجد أن هناك من يوجه عنايته إلي الجانب المعرفي التأملي. فالناس قد يصفون السعادة إما علي أنها شعور بالرضا والإشباع وطمأنينة النفس وتحقيق الذات، أو أنها شعور بالبهجة والاستمتاع والإحساس باللذة. وهكذا نجد أن البحث في معني السعادة يقودنا إلي القول بوجود بعدين، مستقلين جزئياً، يتسق كل منهما مع واحد من هذين الجانبين
ذلك تميز الدراسات الحديثة بعداً عاماً يتضمن حالة عامة من الشعور بطيب العيش (well-being ويختلف إلي حد ما عن السعادة كحالة انفعالية إيجابية، أو العناء كحالة سلبية. ويمكن تعريفه علي أنه تقدير عقلي لنوعية الحياة التي يعيشها الفرد ككل، أو هو حكم بالرضا عن الحياة، ويسمي ببعد الرضا الشامل عن الحياة، الذي يمكن تقسيمه إلي الشعور بالرضا في مجالات محددة كالعمل والزواج والصحة والقدرات الذاتية. ويعبر عن هذا العامل بالشعور الذاتي بطيب الحال (Subjective well-being). وهو المقياس الأكثر استخداماً في البحوث الاقتصادية .وللحديث بقية ,,,[/ALIGN]
[COLOR=blue]د/ سمير خطاب
أستاذ علم النفس المشارك
كلية التربية – جامعة حائل
Skhatab64@yahoo.com
" صحيفة عين حائل الإخبارية" [/COLOR]