[ALIGN=CENTER][COLOR=red]هذا ما حدث في القاعة الدراسية !!![/COLOR]
الموعظة تفقد قيمتها إذا لم يكن صاحبها قدوة لغيره في ممارسة ما يعظ به، فالناس يسمعون ولكنهم في الوقت ذاته يشاهدون ويربطون بين ما يسمعون وما يرون. وأظن أن مجتمعنا لا تنقصه الأقوال فالجميع - وكاتب هذه السطور أحدهم - نجيد الثرثرة ولكننا عند الفعل قليلون. ورب فعل يغني عن ألف موعظة تطير في الهواء ولا تجد لها صدى عند الناس لأنها توقفت عند القول اللفظي. فالفعل رسالة صامتة ذات مفعول أقوى من القول في كثير من الأحيان.
من غير المعقول أن تطلب من الناس القيام بشيء لا تفعله أنت بحيث تكون أنت قدوة لهم في ذلك أو تنهاهم عن فعل أنت أول من يمارسه وإلا سيولون أدبارهم لإدراكهم للتناقض بين أقوالك وأفعالك ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ). فالناس يبحثون عن القدوة الذي يقودهم إلى السلوك القويم ويكون هو في مقدمة من يمارس ما يصبه على مسامعهم من أقوال وهو القدوة في ترك ما ينهاهم عنه . فالابتسامة على محياك حين يراها الناس تغني عن ألف موعظة عن الابتسامة يلقيها إنسان متجهم الوجه.
دخلت على طلابي في القاعة الدراسية فوجدت القاعة مليئة بعبوات مياه الصحة وأكواب الشاي وبقايا الأكل فألقيت عليهم السلام ثم توجهت مباشرة - دون أن أنطق كلمة واحدة - إلى تلكم المخلفات وصرت أجمعها وأذهب لأضعها في سلة المهملات خارج القاعة فما كان من أغلب الطلاب إلا التسابق لمنعي من القيام بذلك والحيلولة دون استمراري في القيام بهذه المهمة الجليلة ألا وهي إماطة الأذى عن القاعة الدراسية التي تحتضنهم وتحتضن غيرهم من الطلاب وأساتذة الجامعة وسوف تحتضن أولادهم في المستقبل. انبرى كثير من طلابي الأعزاء إلى جانب أستاذهم في تنظيف القاعة الدراسية فعاد إليها جمالها ورونقها ونظافتها فشعر الجميع بالفرق الشاسع.
تخيلوا لو أنني حين دخلت على طلابي والتجهم يملأ ملامح وجهي بلا سلام وبلا ابتسامة ثم عبرت عن غضبي على ما أرى من منظر غير حضاري في قاعة جامعية وأعقبت ذلك بموعظة مطولة عن أهمية النظافة تستأثر بالوقت المخصص للمحاضرة ثم توقفت هنا. وتخيلوا لو أنني مارست دكتاتورية البعض لأطلب من الطلاب أنفسهم - وأنا أتفرج عليهم - للقيام بمهمة تنظيف القاعة. قد يستجيبون لأوامري من باب تأدية الواجب والخوف من ردة فعلي أو خوفا من أن أظلمهم ولا أمنحهم درجاتهم التي يستحقونها ولكنهم في قرارة أنفسهم كارهون لما أمرتهم به.
كانت النتيجة مذهلة، فما عدت في المحاضرات التالية أرى مخلفات في القاعة وصاروا هم أحرص مني على نظافة قاعتهم الدراسية وأصبحنا جميعا ننعم بنظافة القاعة. فالموعظة الصامتة بالأفعال أجدى من حشو أذهان الناس بأقوال لا تقود إلى أفعال ويزول مفعولها بمجرد مغادرتهم للمكان.
كونوا قدوات للآخرين في القول والفعل وأنا متأكد من أنكم ستساهمون في تغيير من حولكم إلى الأحسن وتأكدوا أنكم حين توقدون شمعة خير ألف مرة من أن تلعنون الظلام.[/ALIGN]
[COLOR=blue]
أ.د عبدالله محمد الفوزان
أستاذ علم الاجتماع بجامعة حائل
" صحيفة عين حائل الاخبارية " خاص[/COLOR]