[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]الأسرة كما أرادها الله ورسوله [/COLOR]
جاء الاسلام بتعاليمه السامية ليبني الأسرة على أسس سليمة بحيث تكون ملاذا آمنا للرجل والمرأة والأولاد والبنات فقال تعالى في كتابه الكريم ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ). فمتى سادت المودة والرحمة أرجاء البيت شعر الجميع بالراحة والطمأنينة وأصبح أفراد الأسرة ينعمون بالحب والعطف والرحمة فيما بينهم ويسود الاستقرار النفسي والثقة بالنفس والولاء للأسرة. ولعل قدوتنا في ذلك نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي لم تشغله الدعوة إلى دين الله القويم عن العناية بأهل بيته وزوجاته وابنته فاطمة وأحفاده الحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين . وهاهو نبي الرحمة يقول لنا ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) فلا خير فيمن يكون خيره للناس بينما هو يؤذي أهل بيته ويتسبب في أذاهم ويقسو عليهم بالقول والفعل ويحرمهم من حقوقهم. وهاهو نبي الرحمة يبشرنا بأن من يرزقه الله ثلاث من البنات ثم يقوم على رعايتهن ويربيهن التربية الصالحة يخير يوم القيامة بدخول الجنة من أي أبوابها شاء. ثم هاهو يرشدنا بقوله ( كلكم مسئول وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل مسئول في بيته والمرأة مسئولة عن بيتها.
وإذا كانت العلاقة بين الأب والأم تقوم على المحبة والمودة والتقدير والاحترام شعر الأب بالسعادة في حياته وشعرت الأم بالطمأنينة في حياتها وشعر الأبناء بالحب والحنان ونشأوا بإذن الله صالحين ونفوسهم مستقرة ويبتعدون عن الانحراف. وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في تعامله مع زوجاته خير نبراس نهتدي به فقد كان يعلن عن حبه الكبير لزوجته خديجة التي وقفت معه في السراء والضراء وكان يداعب زوجته عائشة رضي الله عنها ويلاطفها ويضع رأسه في حجرها تعبيرا عن مودته وحبه لها بل ويقول خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء ( يقصد عائشة رضي الله عنها ). كما كان حنونا وعطوفا على ابنته فاطمة فيقبلها ويحضنها ويوجهها التوجيه السليم فكان بمثابة الأب والصديق والمعلم والمرشد لها وكانت هي تبادله الحب بالحب والاحترام بالاحترام واختار لها الزوج الصالح ( علي بن أبي طالب ) وكان وسيط خير بينها وبينه زوجها في حالة حدوث الخلافات بينهما. كما كان عطوفا وحنونا على حفيديه الحسن والحسين رضي الله عنهما يلاطفهما ويداعبهما ويقبلهما ويطيل في السجود إذا صعدا على ظهره وهو ساجد يصلي في الناس.
أما الزوجة فقد حثها الاسلام على احترام زوجها وحفظ بيته وماله وعرضه وأن تكون عطوفا عليه ومتأدبة معه رحيمة به متجملة له بحيث يسره منظرها إذا نظر إليها ولا تمنعه عن نفسها من دون عذر شرعي حتى لا ينظر لغيرها وتشبع حاجاته العاطفية وغرائزه الطبيعية. كما أمرها بالعناية بأطفالها وتربيتهم التربية الصالحة والعطف والحنان عليهم حتى يبادلونها الحب بالحب والعطف بالعطف والحنان بالحنان ويقومون على رعايتها والبر بها عندما تكبر.
أما الأبناء والبنات فقد حثهم الإسلام على البر بالوالدين والاحسان لهما وتحمل أذاهما فقال صلى الله عليه وسلم ( رغم أنفه رغم أنفه من أدرك والديه أو أحدهما ولم يدخل الجنة ) وحث الأبناء على الخضوع للآباء والأمهات وطاعتهما في غير معصية الله فقال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ). بل إن الإسلام حث الأبناء على البر بالوالدين حتى بعد موتهما والبر بأصحابهما والدعاء لهما. كما حث الاسلام الوالدين على الرحمة بالأبناء والحرص على تربيتهم التربية الصالحة ومداعبتهم وملاطفتهم والقرب منهم وتوجيههم نحو الأخلاق الفاضلة وإشباع حاجاتهم للعطف والحب والحنان وحمايتهم من الأخطار واختيار الأسماء الجميلة لهم وتوفير أسباب الحياة الكريمة لهم قدر المستطاع واستشارتهم وتقديم النصح لهم في أمور حياتهم.
إن اختيار الزوج الصالح واختيار الزوجة الصالحة هما أساس بناء الأسرة الصالحة السوية بإذن الله فقال صلوات الله وسلامه عليه ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ). وقال صلوات الله وسلامه عليه ( تنكح المرأة لأربع لجمالها وحسبها ونسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
هكذا ينبغي أن يكون واقع الأسرة كما أرادها الله سبحانه وتعالى وأرادها نبيه صلوات الله وسلامه عليه، ومع ذلك قد تحدث بعض الأمور التي تكدر صفو الحياة وهذا أمر طبيعي ولكن الحكمة مطلوبة في التعامل مع منغصات الحياة والرفق واللين والبعد عن العنف والتصرفات الطائشة عند حدوث المشكلات ( فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع منه إلا شانه ) كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وحتى إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود بين الزوجين وأصبحت الحياة مستحيلة بينهما أرشدنا الله ورسوله إلى التعامل الأمثل مع هذه الحالة فقال تعالى ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) من غير عنف ولا إيذاء ولا انتقام أو تعليق للزوجة أوحرمانها من حقها في حضانة أطفالها ورؤيتهم إن أصبحوا في حضانة الأب. بل إن الإسلام حثنا على التعامل الطيب مع المطلقة وتطييب خاطرها بما تجود به النفس من باب احترام العشرة معها. كما نهانا عن الإساءة إليها أو تشويه سمعتها من باب الانتقام فقال تعالى ( ولا تنسوا الفضل بينكم )
ورغم حرص الإسلام وتشجيعه على بناء الأسرة على أسس سليمة إلا أننا أصبحنا نرى الكثير من الممارسات اوالقصص المؤلمة لتي تتعارض مع توجيهات ديننا الحنيف وتعاليمه السمحة من ضرب وتحقير وإهمال وسوء معاملة وإكراه الأبناء والبنات على الزواج من أشخاص لايحبذون الارتباط بهم وحرمانهم من الحب والعطف والحنان وإيقاع الأذى النفسي والجسدي والقتل والاغتصاب – والعياذ بالله – وحرمانهم من التعليم والميراث فأصبحت مراكز الشرطة والمحاكم تئن من كثرة المشكلات الأسرية التي تدل على انتشار العنف الأسري وانحراف بعض الأسر عن الطريق المستقيم.
أسأل الله العلي القدير أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون إلى القول فيتبعون أحسنه وحمانا الله وإياكم وأسرنا وأولادنا وبناتنا من كل مكروه إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.[/ALIGN]
[COLOR=blue]أ.د عبد الله محمد الفوزان
أستاذ علم الاجتماع وعميد معهد البحوث بجامعة حائل
( صحيفة عين حائل الإخبارية ) خـاص [/COLOR]