[ALIGN=CENTER][COLOR=red]“حملة.. حُفرنا” [/COLOR]
“اليوتيوب” من وجهة نظر إيجابية واعية، يُمكن القول عنه إنه: وسيلة سهلة وسريعة ومتميزة في نقل صوت المواطن وإيصال رسالته لصنَّاع القرار والمسئولين والهيئات المعنية بالتحقق والمتابعة ومكافحة الفساد في المملكة.. ومتى صدقت النية وصَلُح القصدُ وتحددت الغايةُ وبانَ الهدفُ ووضحت معالم خارطة الطريق وتقاطعات المسير، فستكون هذه الرسائل الموجهة - بإذن الله - ثم بالتعاون والتفاعل من قِبل الأطراف الأخرى وسيلة مؤثرة في حرق المراحل، وصولاً إلى ما تطمح له القيادة ويتطلع إليه المواطن من إصلاح وإنجاز.. ومن الأعمال اليوتيوبية التي حقها الدعم والتشجيع والإشادة والتنويه “المبادرات الشبابية الوطنية” عموماً وذات الأثر الإيجابي في تصحيح مسارنا التربوي أو التنموي أو الخدمي على وجه الخصوص.. ولعلَّ من آخر هذه الأعمال ذات الحرفية العالية والإبداع المُتقن حملة “حُفرنا” التي تحكي واقع شوارع جدة من خلال الأسلوب الساخر والتصوير الدقيق لعدد من الحُفر الخطرة وذات التاريخ الطويل في الميادين والطرق الهامة الرابطة بين الأحياء السكنية الراقية، فضلاً عمّا هو داخل الأحياء وفي المناطق العشوائية، والأقل أهمية التي يقطنها الفقراء وذوو الدخل المحدود!!.. ليس هذا فحسب، بل حَمل أصحاب هذا العمل الإبداعي مسئولية سكان جدة وزائريها المشاركة في هذه الحملة المباركة، وذلك بتصوير المواطن أقرب حُفرة لمنطقة سكنه أو تلك التي يراها في طريقه وتحديد مكانها وحجمها بدقة ومصداقية، ومن ثم بَعْثها على الهاشتاق “#7ofarna” لعلَّ هذه الجهود تثمر عن تحرك إيجابي من قِبل الأمانة لمعالجة أخطائها التي تُشكِّل خطراً على المواطن وتشوِّه وجهنا الحضاري.
إن مثل هذه الحملات تفعل ما لم يستطع “مجلسٌ بلدي” القيام به طوال مدة دورته، وستجد جزماً التفاعل الكبير من قِبل المواطنين المخلصين الحريصين على السلامة العاشقين للجمال، كما أنه سيجبر الأمين للتحرك من أجل الإصلاح، وهذه أعلى درجات التغيير “باليد”، وعلى افتراض اعتذاره بما هو معهود في مثل هذه الأحوال من شح في الموارد أو ترتيب للأولويات أو جدولة زمنية لا يُمكن الحياد عنها أو التقصير فيها أو... إلخ.. فمن المفترض أن يخرج بيانٌ رسمي لإيضاح الحقيقة التي ينشدها المواطن ويتوق لسماعها من المسئول الأول على وجه الخصوص، وهذه درجة ثانية في التغيير “باللسان”، أما أضعف الأحوال وليس بعده شيء من الانتماء أن يتحرك قلب هذا المسئول حزناً وأسفاً على واقعه، والجزم القلبي على ألا يعود إلى ما كان منه من تقصير وإهمال وقطع العهد على البدء بالتصحيح والإنجاز.
إنني في الوقت الذي أشيد فيه بهذه الحملة، وما ماثلها وأشكر كل من شارك في هذا العمل الإبداعي من ألفه إلى يائه، أهيب بالجميع المشاركة الفاعلة من خلال “الهاشتاق” أو عن طريق بَعْث رسالة بريدية لموقع الأمانة أو بالاتصال على الرقم المحدد لخدمة المواطن، فالمشاركة هذه هي من النصيحة التي حقها البذل لولي أمر المسلمين وعامتهم، والأمل يحدوني مثل غيري أن تتسع دائرة هذه الحملة لتشمل جميع مناطق المملكة، كما أنني أتطلع إلى المبدعين ليكونوا عين الوطن من خلال نثر إبداعاتهم عبر مواقعهم وفي منتدياتهم رغبة في تحقيق الصالح العام، وحرصاً على سلامة وسعادة وجمال حياة المواطن.
لقد جاءت التعليقات التي اطلعت عليها بعد مشاهدة هذه الرسالة الإبداعية بين هزل وجاد، لكنها كانت في غالبيتها جازمة بعدم تحرك أمانة جدة من أجل الإصلاح، كما أنها أشارت إلى شمولية هذه المشكلة لجميع مدن المملكة، خصوصاً شوارع الأحياء ذات الدخل المحدود فضلاً عن الفقيرة، وهذا يطرح أمام هيئة مكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية، سؤالٌ هام: تُرى لماذا لا يُؤخذ صوت المواطن الموثق بالجدية، ويُكلف فريقٌ مختص بالمتابعة والمطالبة السريعة، للمسئول فور وصوله رسالة المواطن المعلنة والواضحة، يُطالب بالتحدث والتحرك الذي به يتحقق العلاج العاجل والناجع، ليس هذا فحسب، بل إنني أتمنى أن مثل هذه الأعمال تجد لها رابطاً دائماً على موقع الهيئة، ويحظى هؤلاء المواطنون الصالحون بالدعم والتشجيع من أجل ضمان استمرار هذه الجهود الوطنية المخلصة، دمتم بخير.. وإلى لقاء، والسلام. [/ALIGN]
[COLOR=blue]الدكتور عثمان العامر
" صحيفة عين حائل الاخبارية "[/COLOR]