[ALIGN=CENTER]
[COLOR=red]المرأة السعودية.. «من أين وإلى أين!!» [/COLOR]
من الإيجابيات التي تسجّل للمخطط ومتخذ القرار وولي الأمر في هذه البلاد المباركة المعطاء «المملكة العربية السعودية» التدرُّج في التغيير بطريقة منطقية وعقلانية متزنة ومدروسة، وعدم الإيمان بحرق المراحل أو التعامل مع المواقف بردة الفعل لا الفعل المحسوب بشكل علمي صحيح، سواء أكان ذلك في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، والأمثلة على ذلك كثيرة، وغالبيتها معلومة للقارئ الكريم المتابع لأحداث وفعاليات الساحة المحلية والعارف بدهاليز ومضامين علاقاتنا الخارجية، ولعل من أبرز قضايانا النخبوية بل وحتى الشعبية الساخنة والمحورية اليوم «حقوق المرأة السعودية وواجباتها العينية»، مع العلم أنها ليست إشكالية سعودية فحسب - كما يظن البعض منا - بل هي بصدق كانت وما زالت إشكالية تتربع على عرش أولويات القضايا المجتمعية في كثير من البلاد العربية بل وحتى العالمية وإن اختلفت الدرجة وتباينت الرؤى والمواقف والمنطلقات وصولاً للنهايات والغايات!!، فعلى الرغم من تعالي الأصوات المطالبة بحق أو أكثر من حقوق حواء، الناقمة على المجتمع، والمشنعة بالنهج المتُخذ والثقافة المجتمعية السائدة، والمنددة بالرافضين لمنح المرأة ما يعتبرونه في قاموسهم الخاص حقاً واجب العطاء، والضاغطة على صُنّاع القرار والمستشارين منذ زمن ليس بالقريب.. على الرغم من ذلك فإنّ التريث والتروي في اتخاذ قرار نهائي وحاسم طوال هذه السنوات إزاء كثير مما طُرح ونوقش في هذا الباب الواسع، كان رغبة من ولي الأمر في تهيئة الأجواء المجتمعية المناسبة لاحتضان مثل هذه التغيرات التي قد تكون حدثاً مفصلياً في تاريخنا الاجتماعي لا الديني لا سمح الله..
إن تاريخ المرأة السعودية حافل بالعطاء، شاهد على البذل والوفاء، سواء أكان ذلك في دائرة الأسرة أو التربية والتعليم أو الصحة والتطبيب، والدائرة تتسع وتضيق حسب معطيات الواقع وبناءً على ما يستجد من نوازل وحاجيات تضبطها وتحدد ماهيتها وآليات التعاطي معها شريعتنا السمحة التي هي دستور «المملكة العربية السعودية»، والمرجعية المعلنة وبكل فخر واعتزاز من قِبل من بيدهم الأمر بعد الله في هذه البلاد.
أذكر هنا بكل الحب والشكر والتقدير والاحترام من هنّ اليوم تحت الثرى ممن كان لهن اليد العليا والقدح المعلّى في نسج قصة هذا التاريخ العطر المبارك.. تذكرت لحظة إعلان مجلس الشورى السعودي الجديد حكاية جدتي وهي تشارك جدي تلبية ضروريات الحياة في ذلك الزمن الصعب، تُحكر الأرض وتسقي الزرع.. تحلب وتمخض.. تُروي وتجلب.. آنذاك كانت الزراعة وتربية الماشية هي مصدر البقاء وعنوان التنمية والعطاء في مجتمع بسيط محدود همّه الأساس والأول توفير ما يقيم العود ويضمن بعد عون الله وتوفيقه سدّ الرمق وقتل الجوع.. وأدرتُ عجلة الزمن سريعاً لتقف بي الذاكرة عند جيل الأمهات وهن يتجهن إلى المدرسة للتعلم في برنامج محو الأمية وصرف الجهد والوقت داخل مملكتهن الحقيقية «البيت»، بعد أن أفاء الله على الأسرة السعودية بالخير فصار الدخل الاقتصادي جراء توظف الرجل وعمله في سلك الدولة، سبيلاً للوفاء بمتطلبات الحياة وحاجيات الغذاء والكساء.. وتتراقص بين عينيْ أختي الصغيرة قبل أربعين عاماً أو يزيد، وهي تحمل حقيبتها البسيطة شكلاً ومضموناً لتتجه إلى مدرستها المجاورة لبيتنا الطيني البسيط، ومن ذلك الجيل بل وربما قبله بعدد من السنين محدود، كان الميلاد الحقيقي لبنت الوطن التي صارت اليوم تحمل أعلى الشهادات، وتطرح وتناقش وتتساءل عن أعقد المسائل والملمات، وحين صرنا في قرننا الميلادي أسرعت بنا عجلة الزمن كثيراً وكثرت في وجوهنا التحديات وتعددت المنحنيات والتعرجات، فكان لازماً من إعادة قراءة الواقع برؤية إسلامية صحيحة، وكان لابد من سبر قضايانا من جميع الجوانب وبكل العيون المدركة والواعية لخطورة الموقف وتعدد مداخله، بعيداً عن التصنيف الجنسي والتصفيد القبلي أو الفكري أو الاقتصادي والسياسي.. حينها جاءت المرأة تحت قبة الشورى السعودي بقرار ملكي سامي كريم وبعد مشاورة أهل العلم والفضل، وباختيار مقنن مدروس.
ولهذا لابد أن تكون قضايا المرأة في سلّم الأولويات في أجندة كل منكنّ، ولكن المنطلقات والتوجهات والحلول والمقترحات والتوصيات، تكون منبثقة عن رؤية واعية متزنة منضبطة شرعاً وعقلاً وفطرة سليمة وصحيحة، وتعكس حقيقة شخصية المرأة السعودية بجميع أطيافها وبكل شرائحها النخبوية والشعبية، خاصة وأنتن الأكاديميات والمثقفات والمتخصصات والعارفات بطبيعة الوطن ونهج المواطن الذكر منه والأنثى، المطلعات وبكثب على حكاية وقصة ومعاناة المرأة الغربية منذ لحظة التحرر وحتى تاريخه.. والدعاء من القلب بالتوفيق والسداد والعون والرشاد لكنّ ولكل عضو توّج جهده الوطني بثقة ملكية غالية، فصار هو من يشارك في بناء وصناعة القرار داخل أروقة هذا الصرح البرلماني الهام وتحت قبة الشورى الرائدة والرائعة، دمتنّ بخير ودام عزّك يا وطن وإلى لقاء والسلام. [/ALIGN]
[COLOR=blue]الدكتور / عثمان العامر
" صحيفة عين حائل الاخبارية " [/COLOR]