[ALIGN=CENTER][COLOR=red]سعوديون .. رغماً عن الظلم والبطالة[/COLOR]
أحد الأخوة العرب ، قد شدني معه حديث حول مشكلة البطالة التي تُعاني منها المجتمعات ككل ، يقول كنت في أحد المطاعم التي تتخصص بتقديم الوجبات السريعة ، في فترة غداء ( عمل ) كما يُسمى ، و بينما جلست في أحد الأماكن في ذات المطعم ، إلا و أثار استغرابي أمراً لم يكن في الحسبان أن أفكر فيه ، فما بالك أن أراه أمامي واقعاً مُشاهد ! يقول : الذي كان جميلاً حينها غير الطعام في لحظة الجوع أن ثلاثة أرباع من طاقم العمل "سعوديين" ! فالذي يعمل بوظيفة محاسب صندوق ( كاشير ) سعودي لا تغيب عنه بشاشة الوجه ناهيك عن الأخلاق الرفيعة التي يتحلى بها أمام الزبائن ! ، كما أن الذي يقدم لك الطعام و يضعه بكل أدب و إحترام على طاولتك لا يرحل إلا و هو مبتسم لخدمتك ليقول ( هني و عافية ! ) - طبعاً الأخ العربي الكريم أعتقد أنه حمل في باله كل أشكال النعيم التي كانت في مخيلته بالنسبة للشعب السعودي فلم يُخيل له أن هذه الدولة بها من المآسي ما الله به عليم معتمداً بذلك ما تتغنى به البلاد من نفط و خلافه - أكمل فقال : حقيقة بالرغم مما سمعته عن أن هناك نسبة بطالة عالية نظراً لكثرة العمالة الوافدة إلا أنني أعجبت كثيراً بما رأيته من إصرار و عزيمة و كسر قاعدة ( العيب ) لديكم كمجتمع خليجي و سعودي بالتحديد ، ما أجبرني ذلك أن أصافح مدير طاقم العمل في نفس المطعم ( الفلبيني الجنسية ) و أقول له كلمة من القلب : لديكم شباب سعودي بكفاءة عالية ، فأعتنوا بما تمتلكونه من كنز ثمين ! .
بعد هذا الحوار ، تأكد لي فعلاً أن هناك العديد من أبناء الوطن خاصة من فئة العاطلين عن العمل قادرين على العطاء ، غير مُبالين براتب مشروط ، أو بعمل يتناسب مع مؤهل ظل عالقاً على إحدى جدران المنزل ، يغلب التفاؤل على التشاؤم في حياتهم الطبيعية ، لا تُفارقهم الرغبة في اكتساب العمل أياً كان ليكون هذا بديلاً عن جلوسهم الممل أينما كانوا ، في المنازل ، الاستراحات ، المقاهي ، الشوارع ! ، يمتازون بجدية تامة و خاصة عند إمتلاكهم للوقت فيما يُفيدهم اليوم و غداً ، مُؤمنين دائماً بقضاء الله و قدره أن جعل نصيبهم مثل هذه الأعمال ، بالتالي مُتفقين و بكل ثقة أن العمل أساساً هو الحياة ، فلمَ نرتضي لذواتنا الموت و نُصبح مُعطلين لا فائدة نقدمها لنا و لا لمستقبلنا حتى أصبحنا علة على قلوب أهالينا و الوطن بأكمله .. .
في جانبٍ آخر ، قد يكون بعيداً عما أشرت إليه آنف الذكر ، إلا أنه ذات صلة قوية و رابط متين ، السبب : لأنه القطاع الخاص ! ، فيُحكى لي أن هناك الأستاذ عبد المحسن و الذي يعمل على وظيفة مُراقب في مكتب العمل بجدة ، قد تسلم تقريراً مُفصلاً عن حال إحدى الشركات "الوطنية" و التي تعمل بواجهة "سعودية" و تتعمق بـ ( خباثة أجنبية ) في هيكلها الإداري "المنافي أصلاً" لأنظمة و قوانين وزارة العمل ، و مُخالفاً فيما يختص بالأجنبي من ناحية نظام العمل و الإقامة ، و قد جاء التقرير على شكل نداء مُتأمل به رفعه لدى مكتب العمل لتنظر في محتواه و ما يتضمنه من شكوى كُتبت بواسطة أحد الموظفين السعوديين ( المسلوب حقهم ) - و الحق يُقال فأن تعتمد وزارة العمل قانوناً للعامل السعودي على أن يُكمل فترة التجربة التي تنص على مدة زمنية قدرها 3 أشهر بعد توقيعه للعقد و يُعطى له كل ما يستوجب إعطائه حسبما جاء في العقد نفسه من بدلات و مميزات أخرى فيظل 9 أشهر و لم يأخذ شيئاً مما ذُكر فيبدو و أن المسألة قريبة إلى التظلم منها إلى المماطلة - فيُبادر الأخ عبد المحسن بعدما تفهم الوضع و أحتاط بدراية عما يجري في ذات الشركة - أعود لأكرر "الوطنية"- ليقوم بزيارة خاصة و ( مُفاجئة ) ليؤدي عمله الذي "اعتاد" عليه كـ ( مراقب ) في هذا المجال تحديداً ، و يجد الطامة بعد أن تفضل بطلب الإقامات من بعض رؤساء الأقسام الأجانب و أطلع على بعض المهن التي جاؤوا من بلدانهم للمملكة من أجل العمل بها وفق "تخصصهم" فيجد ( السباك ) مديراً لقسم !! ، و ( النجار ) مسؤولاً عن القسم الآخر ، و ( السائق ) موظفاً مرموقاً و براتب مماثل لمعلم تربوي قضى 15 عاماً في خدمة التربية و التعليم !! و ( المحاسب ) أصلاً يعمل بوظيفة لا تتفق مع المحاسبة !! و ( يا قلب لا تحزن !!! ) ، إذ لم تنتهي طامة إلا و تكون هناك طامة أكبر ، فجميع ما ذُكر ليسوا على كفالة الشركة !! ، فلا يوجد "تخصص" لهم ، و لا هم يحزنون ! .
خرج عبد المحسن من الشركة بجُملة من المخالفات لحين إجراء اللازم مع كل مُخالف ثبتت مخالفته بالقانون ، فأن ترى القانون يسير في مساره الصحيح و السليم أمام عينيك دون واسطة ، محسوبية ، رشوة ، قولوا ما شئتم عن صور الفساد الإداري و "المتستر" من قبل أرباب العمل ، فأنت هنا لا بد من أن تصفق بحرارة و تحيي بكل فخر أمثال عبد المحسن بفضل وجودهم لخدمة الوطن و المواطن أيضاً ، فهو لم يذهب إلى هناك إلا بعد علم مسبق و إدراك و فهم كامل بتلك "الورقة" التي وصلت إلى مكتبه في مقر عمله عما كان يستاء منه "قلة" من السعوديين عطفاً على ضئالة مداخيلهم الشهرية و صبرهم الطويل أمام هذه المخالفات التي لم توقظ كل صاحب ضمير حي سواءاً صاحب شركة خاصة أو مؤسسة "وطنية" ، فأية وطنية هذه التي تُرقي الأجنبي و تدوس على من هم أحق من الأجانب كلهم ؟؟ لا أقول سوى "كفو" يا أستاذ عبد المحسن ،
فالوطن كله بحاجة لمن هم مثلك ... .[/ALIGN]
[COLOR=blue]وليد المساعد
كاتب سعودي[/COLOR]